المواقع الأثرية في صور
في البدء كانت صور جزيرتين صغيرتين مقابل الشاطئ ضمها الملك حيرام في القرن العاشر قبل الميلاد فصارتا جزيرة واحدة. وفي القرن الرابع ق.م قام الإسكندر المقدوني ببناء معبر لقواته للوصول إلى الجزيرة فبدأت صور بالتحول لتصير شبه جزيرة. وعلى الجزيرة كانت توجد المدينة الفنيقية التي دمرها اليونانيون وبنى السكان مدينة جديدة فوقها.
ويمكن في صور حالياً زيارة موقعين أثريين.
البص:يعود اسمه إلى المنطقة الموجودة فيها والتي أخذت اسمها من موقف للباصات وهو قائم في منطقة تكونت بعد بناء معبر الإسكندر وتحيط به الرمال وبدأ البناء فيه من القرن الأول ق.م.
صور المدينة: الموقع قائم على الجزيرة القديمة ويضم منشآت من المدينة.
موقع صور – البص
الجزء الشرقي من موقع البص بشكل عام هو مدينة أموات رومانية بيزنطية يشطرها الطريق الروماني البيزنطي الذي يوصل إلى المدينة وملحق بها بعض المزارات الدينية. والجزء الغربي يتكوّن بشكل رئيسي من الميدان الرياضي والأندية الملحقة به بالإضافة إلى البوابة التذكارية قوس النصر وبعض المنشآت المهمة.
تترك عملية إنهاء التفاصيل الفنية والحفر عليها لفنانين محليين. وتحمل معظم النواويس مواضيع تعود لميثولوجيا الإغريقية كالنواويس التي حفرت عليها أسطورة الإلياذة. وكذلك تحمل النواويس صوراً لثيران وخراف وأكاليل كانت رموزاً للخصوبة والبركة.
وعلى معظم النواويس حفرت أسماء أصحابها ومهنهم وألقابهم، وقد أعيد استخدام معظم النواويس لاحقاً خلال الفترة البيزنطية وتمت إضافة أسماء جديدة وصلبان.
إن القطع التي تم العثور عليها خلال الحفريات في هذهالمدافن كانت قوارير عطرية زجاجية وعقود ومصنوعات ذهبية، وبعض قطع النقود البرونزية والفضية والذهبية التي كانت توضع قطعة منها في الفم لدفعها للملاك شارون لنقل الميت من ضفة الحياة الثانية عبر نهر سيكتس. وقد نقل بعض النواويس المهمة الى المتحف الوطني في بيروت.
وهناك نوع من النواويس، ربما كان أجملها يوماً ما، وهو النوع المحلي المنحوت منم حجر ومغطى بطبقة رسوم مختلفة الألوان. ولكن بسبب عوامل التعري فقدت هذه النواويس ألوانها ولم يعثر إلا على واحد منها بحالة جيدة. وكان بعض المدافن على أشكال غرف تضم رفاتاً لأعداد كبيرة منم الموتى كالذين دفنوا على فترات طويلة ومتباعدة.
كنائس الطريق البيزنطي
توجد على الطريق البيزنطي كنيستان يعود تاريخهما لحواليالقرن الخامس ميلادي، تقع الأولى جنوب الطريق البيزنطي وتتميز بوجود حنيتين تحمل أرضها تزيينات رخامية من أشكال هندسية، وتوجد داخل المبنى نافورة مياه رخامية صغيرة، كذلك لايزال يحتفظ داخل المبنى بأرضيات رخامية جميلة وملحق بالكنيسة هو عبارة عن حديقة لها خزان مياه ومجموعة من القنوات المائية الصغيرة لري الحديقة.
وقرب قوس النصر هناك كنيسة صغيرة لها أرضيات رخامية على مدخلها تصاميم بالرخام اتخذت شكل الشمس وشعاعها كما أن جدرانها كانت مغطاة بفسيفساء زجاجية.
البوابة التذكارية ” قوس النصر”
يعود بناؤه إلى القرن الثاني الميلادي وقد يكون بناه سكان المدينة على شرف الإمبراطور هدريان الذي زار الشرق خلال القرن الثاني ميلادي، وكانت المدينة على علاقة جيدة معه وهو الذي جعلها عاصمة اتحادية لولاية الشرق.
وقوس النصر مبني من الحجر الرملي الذي كان مغطى بطبقة من الجص الأبيض ويحمل ألواناً مختلفة، ويمكن مشاهدة طبقة صغيرة من الألوان على القاعدة الجنوبية في الجزء السفلي من القوس. وقد كان الشكل الخارجي للقوس يتغير الذوق العام للمدينة ويغطى بالألوان أو الرخام، وخلال الفترة التي عاشها، وهي أربعة قرون، تغير الشكل الخارجي عدة مرات. وعلى جانبي البوابة الرئيسة يوجد بابان جانبيان أحدهما يؤدي إلى طريق للمشاة وعلى جانبي القوس يمكن مشاهدة بقايا برجين. البرج الشمالي منهما كان مغطى بالموزاييك حيث لا تزال طبقة من الموزاييك تغطي أرضه. أما البرج الجنوبي فكانت أرضه مرصوفة بالحجر.
الطريق الروماني
يبدأ هذ الطريق الذي يعود للفترة الرومانية من قوس النصر باتجاه الغرب ويعود تعبيده لحوالي القرن الأول الميلادي. وشكل الطريق محدّب وعلى جانبيه قناتان صغرتان لتصريف المياه. ويمكن مشاهدة آثار دواليب عربات السباق والنقل على حجار الطريق.
قنوات المياه
تقع على جنوب الطريق المعبد الذي يعود للفترة الرومانية ويمكن مشاهدة القناطر القائمة والتي كانت تعلوها قنوات المياه المحمولة على أقواس، والتي كانت تمر بها المياه من ينابيع رأس العين إلى صور بواسطة نظام للقنوات بعضه مرفوع على قناطر والآخر مبني على الأرض.
وكانت القنوات تذهب إلى تل المعشوق في شرق صور ثم إلى المدينة، وقرب قوس النصر استخدمت الفراغات تحت القناطر بعد إغلاقها كغرف ومحلات تجارية ويمكن ملاحظة ترسبات المياه الكلسية الناتجة عن تسرب المياه إلى الأجزاء السفلى من القناطر. أما قواعدها فهي منتشرة في أجزاء الموقع على نفس الخط. وفي السابق كانت قواعد القنوات تحمل رسوماً ويمكن رؤية بعض هذه الرسوم شرق موقع البص على أول قاعدتين.
طريق المشاة
على جنوب طريق العربات وبمستوى أعلى يقع طريق المشاة الذي يعود للقرن الرابع الميلادي وقد كان الطريق مغطى بسقف يحمي المشاة من المطر وأشعة الشمس.
ميدان سباق العربات
يعود بناء الملعب إلى القرن الثاني الميلادي ويبلغ طوله حوالي 480م وعرضه 120م ويمكن أن يتسع غلى 40,000 متفرج ويعتبر ثاني أكبر ملعب من نوعه مسجل في العالم فيما يعتبر أكبر ملعب محفوظ من نوعه في العالم.
وقد كانت الرياضة الرئيسة الممارسة فيه رياضة سباق العربات وهي أكثر الرياضات الشعبية في العالم آنذاك. ويتوسط الملعب حاجز مغطى بالموزاييك وداخله مجموعة من نوافير المياه وفي أسفل المدرج تم استغلال االفراغ الأرضي ليكون كسوق تجاري. وقرب كل محل تجاري يلاحظ وجود ثقب في الجدار المقابل لربط وسائل النقل.
وللملعب عدة مداخل جانبية، وكانت المداخل تقسم وتوزع حسب الطبقات الإجتماعية فكل طبقة اجتماعية لها المدخل الخاص بها، وعلى جانبي الملعب توجد أبنية خاصة بالفرق الرياضية. وهناك في صور ملعب آخر غير مكتشف. وقد شاهد الإسكندر المقدوني ألعاباً كجزء من إحتفالاته بالنصر على صور، كما أن الألعاب الدورية كانت تجري في صور كل خمس سنوات خلال القرن الثالث والثاني قبل الميلاد، وقد حضر بعض هذه الألعاب ورعاها مجموعة من الملوك السلوقيين.
كنيسة الذكريات
تقع داخل ملعب سباق العربات ويطلق على هذا النوع من الكنائس اسم كنائس الشهداء لأن معظمها أقيم تخليداً لذكرى شهداء المسيحية الذين استشهدوا على أيدي الوثنيين خاصة في القرن الثالث ميلادي، وتحتوي الكنيسة على مئات التواقيع لحجاج زاروها خلال عبورهم للأماكن المقدسة وخاصة في الفترة الصليبية فتركوا أسماءهم أو مجرد رسوم لصلبان أو إشارات مختلفة حسب إمكانية التعبير لكل شخص، ويمكن مشاهدة التواقيع بمختلف اللغات المعروفة آنذاك ويمكن رؤية رسومات لسفن ودروع عسكرية وكؤوس مقدسة.