أقيمت الكاتدرائية الصليبية في القرن الثاني ميلاديواستخدمت في بنائها أعمدة من الغرانيت الاحمر تعود لمعبد من الفترة الرومانية يعتقد بأنه معبد هرقل المقام فوق معبد الإله ملقرت الفينيقي ومما يؤكد ذلك هو العثور على مذبح مكرس للإله هرقل من الفترة الرومانية، والكاتدرائية مؤلفة من ثلاثة أروقة هي رواق رئيسي ورواقان جانبيان وتتجه الكاتدرائية من الشرق إلى الغرب.
وبعد وفاة الإمبراطور الألماني فريدريك بربروسا غرقاً في القرن الثاني عشر ميلادي أثناء قيادته حملة صليبية على الشرق تم نقع جثته بالخل ونقل رفاته إلى الكاتدرائية حيث دفن هناك. وبقيت الكاتدرائية تحافظ على شكلها العام حتى عام 1870م حين قام العالم الألماني “سب” بأعمال حفر تحت الكاتدرائية للعثورر على رفات بربروسا لكنه فشل في مهمته. وعثر تحت الكاتدرائية على طريق يعود للفترة الرومانية مرصوف بالحجر وأعمدته من رخام “السيبولينو” الموشح بالأخضر وعرضه حوالي خمسة أمتار. وفي هذه الكاتدرائية تم تتويج عدد من ملوك القدس والإحتفال بالزيجات الملكية.
وخلال القرن التاسع عشر حاول أحمد الجزار حاكم عكا نقل أعمدة الكاتدرائية إلى عكا ولكنه فشل في ذلك. وغرب الكاتدرائية يوجد نصب لكاهن فينيقي وبقايا من جدران مبنى يعود للألف الثالث قبل الميلاد.

ويطل على وسط الساحة مبنى للوهلة الأولى تظنه متهالكاً والسنوات قد حفرت على خديه آثارها فبانت تجاعيد الوجه حزينة وكأنها تناشد من يعيد إليها البسمة .. يفترش المدخل كل ما يخطر على بالك من حرفيات صغيرة وقطع نقدية قديمة وأوانٍ معدنية مختلطة ومتشابكة مع أخرى حديثة لتزين المدخل الرئيسي بحلتها المتواضعة وكأنها تتضامن بالشكوى مع جدران الخان .. وإلى جانبه تفترش ”مطاحن نعمة” بكل ما يخطر ببالك من مواد جاءت عبر طريق الحرير القديم لتذكرنا بأن صور قد عرفت سابقاً دروب التجارة والمعرفة .. وحين تخترق بوابته الخشبية العملاقة لتصل إلى صحن الخان .. تخترقك الرهبة ويلفك الصمت، حين تمتد بنظراتك إلى تلك الغرف التي تحيط بالخان من كل مكان، تزينها القناطر والعقود الحجرية وكأنها منحوتة نحتاً لا يعكّر صفوها إلاّ ما تناثر من أشياء قديمة وتالفة، تملأوها لتغيّب عنا جمالية وروعة هذا المكان .. وإذا نظرت جانباً تجد درجاً حجرياً قد تآكل بعضاً منه بفعل القِدم والتخريب، لتصل في نهايته إلى جروح كبيرة تشوّه جسد الخان، بفعل القصف الإسرائيلي عام 1982، والذي بتر بعضاً من الغرف العلوية. لكن الخان بقي منتصباً رغم غدر الزمن به وغدر العدو .. وحينما تطل من الأعلى تتراءى أمام مخيلتك تلك الوجوه التي سكنت الخان سابقاً وهي تغدو جيئة وذهاباً بسرعة كي لا يغضب الأمير .. وتظن بأن تلك المفارش الخشبية والحريرية والستائر ذات الألون الزاهية لا زالت تزين مساحات الخان زجدرانه لتحكي لنا قصة عزّ عرفها هذا البناء قبلاً. وإذا أغمضت عينيك قليلاً يرتسم المشهد بأكمله ليزيدنا حسرة عما فقدناه بفعل توالي الأيام والذي نبحث عنه في كتب التاريخ تارة وفي مخيلة الشعراء والأدباء تارة أخرى … إنه ”خان الأشقر” أو ما سيصبح عليه فيما بعد ”خان صور ” … تعريف عام : إسم خان كان يستعمل للدلالة على المكان الذي يقصده المسافرون للنوم فيه وإراحة دوابهم، أي عبارة عن ما يعرف اليوم بالفندق. وكان له قسمين قسم خاص للنوم وآخر كزريبة للدواب.
المبنى هو برج عسكري قائم على نبع مياه لحمايته. والنبع موجود تحت البرج ويتم النزول إليه بدرج. والمبنى في وضعه الحالي يعود للفترة البيزنطية، ويمكن مشاهدة صليب بيزنطي على عتبة باب المبنى لايزال في وضعه الطبيعي. ويحكى أن قرب هذا النبع جلس السيد المسيح على صخرة عند زيارته للمدينة مع القديس يوحنا، وقد قام الحجاج خلال الفترة الصليبية بإقتطاع أجزاء من الصخرة التي اعتبرت مقدسة حتى اختفت. وكان أهل صور خلال القرن التاسع عشر ميلادي يقيمون احتفالات خاصة حول النبع في أول شهر تشرين حين يصبح لون المياه أحمر، وكانوا يحضرون جرار المياه من البحر ويسكبونها في مياه العين فتعود المياه صافية وكانوا يسمون هذا الإحتفال زفاف مياه البحر إلى اليم وكانت هذه الإحتفالات تتم وسط جو من الموسيقى والغناء.


